حديثا، أخذت أسهر حتى الساعة الثالثة أو الرابعة فجرا، لكي أنهي لوحتي التي أرسمها. إنني أعلم أن الإنسان يشعر بالتعب بعد هذا، إلا أنني لا أشعر بذلك. وقد أخبرني أحد أصدقائي أنني قد أكون مصابا بحالة «الهوس الخفيف» .. فما هذه الحالة؟
توصف حالة «الهوس الخفيف» (أو ما تحت الهوس) hypomania عادة، بأنها حالة مزاجية تتسم بارتفاع مستويات الطاقة إلى أعلى من مستوياتها المعهودة، إلا أن الطاقة لا ترتفع إلى مستوى عال جدا يؤدي إلى حدوث خلل أو ضعف ما، وهذه السمة أهم ما يميز حالة «الهوس الخفيف» عن حالة الهوس mania.
وفي الواقع فإن معايير الهوس الخفيف، والهوس، متطابقة تقريبا، وفق الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض العصبية في طبعته الرابعة Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders, Fourth Edition (DSM - IV).
وأحد معالم الهوس الخفيف البارزة قلة الحاجة إلى النوم، كما وصفتها في سؤالك. وينام بعض الناس المعانين من الهوس الخفيف لساعات معدودة في اليوم، ومع هذا فإنهم يؤكدون أنهم يشعرون بكفايتهم من الراحة.
وفي نفس الوقت، فإن الكثير من الأشخاص المبدعين يتسمون بالهمة العالية، وعندما يكونون «منجرفين» في أعمالهم، فإنهم ينامون لفترة أقل من المعتاد.
أما بالنسبة إلى حالة الهوس فإن الأعراض تكون متشابهة على الأكثر، إلا أن دليل (DSM - IV) ينص بشكل خاص على أن تمتد الأعراض لفترة أسبوع على الأقل، وأنها تؤدي إلى التنويم في المستشفى، أو أنها تتضمن ظهور أعراض عصبية (انفصال الشخص عن الواقع).
وبينما يمكن لحالة الهوس الخفيف أن تظهر لوحدها، فإن حالة الهوس - وفقا لتعريفها - لا تظهر إلا مع اضطراب ثنائي القطب bipolar disorder (أي الهوس الاكتئابي).
وفي النوع الأول من اضطراب ثنائي القطب يعاني المصاب في العادة من تناوب الكآبة مع الهوس. أما في النوع الثاني من الاضطراب، الذي يعتبر أقل حدة من الأول، فإن المصاب يعاني من تناوب الكآبة والهوس الخفيف، ولم يعان أبدا من الهوس.
ولكن إن حدث وصادفتك المشكلات نتيجة قلة النوم، وهي مشكلات قد تظهر خلال فترات المزاج المكتئب، أو عندما تتأثر علاقاتك العائلية أو في موقع العمل، أو أخذت تلاحظ بعض العلامات البارزة لحالة الهوس الخفيف، فعليك أن تستشير الطبيب لتقييم حالتك العصبية والبدء في العلاج.
وقد تتطلب الحالات الشديدة من الهوس الخفيف اللجوء إلى «معدلات المزاج» mood stabilizers التي تستخدم لعلاج الهوس. أما الحالات المعتدلة والخفيفة من الهوس الخفيف، فإنها تتطلب تغيير نمط الحياة والتوجه نحو اتباع نمط من العادات الصحية.
وتشمل هذه العادات الصحية تناول الوجبات الغذائية بانتظام، ممارسة النشاطات الرياضية يوميا (لحرق قدر كبير من الطاقة)، ومحاولة الحصول على قسط وافر من النوم لفترة سبع إلى ثماني ساعات في الليل.
كما قد يساعد في هذه الحالات، تعليم النفس على وسائل التعرف على المحفزات التي تقود إلى ظهور الهوس الخفيف، مثل الحرمان من النوم أو الإفراط في تناول الكافيين.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire