لعدة قرون والأحذية، بكل أشكالها، تحتل أهمية كبيرة لدى المرأة والرجل على حد سواء.
فبالنسبة للمرأة ومنذ ان قدمت كاترين دي ميديتشي الكعب العالي إلى البلاط الفرنسي، والكعوب لا تتوقف عن الارتفاع والتغير، لما تمنحه لها من قوة وثقة بالنفس وأنوثة.
أما بالنسبة للرجل، فقد أخذت الأحذية، النسائية، أبعادا اكبر، يمكن وصف بعضها بالنفسي والآخر بالغريزي إلى جانب الجمالي.
ولعل أشهر هذه الكعوب ما أصبح يعرف بـ«ستيليتو»، وهو الكعب الرفيع المدبب، الذي استوحي من خناجر القتلة وقطاع الطرق في العصور الوسطى، مما يفسر تسميته الحالية بـ«الكعوب القاتلة»، الذي رغم مر السنين لم يخفت نجمه او يغيب عن الساحة، نظرا لإيحاءاته الأنثوية القوية.
لكن هذا الموسم، كما رأينا، في عروض الأزياء والأسواق، فإن الأحذية السائدة ليست فقط عن الارتفاع الصاروخي، بل احتفال بالفنية، التي تشعر صاحبتها بالتميز ومبدعها بالقوة.
لولا التنوع والحاجة للتسويق لكان حال المرأة صعبا ومؤلما. فمع تراجع الإقبال على حقائب اليد الموسمية وانتشار خبر احتضارها، وجد المصممون متنفسا لهم في الأحذية، التي تفننوا في أشكالها وتجبروا في علوها. فالكعوب أصبحت تصل إلى 12 بوصة، وأحيانا أكثر، مما يجعلها مناسبة للجلوس فقط وليس للمشي أو الوقوف.
ولا شك أن كون معظم مصمميها من الجنس الخشن يلعب دورا كبيرا في هذا التوجه غير الرحيم. والتجربة الأخيرة تؤكد بأنهم يجرون وراء رؤيتهم الجمالية للأنوثة ومفهومهم للإثارة، أكثر من اهتمامهم بالراحة والواقعية.
وطبعا كونهم لم يجربوا أن المشي على كعوب رفيعة ومدببة وبارتفاع صاروخي لساعات، عقوبة يجب ألا يخصوا بها سوى ألد أعدائهم وليس ملهماتهم، يشير أحيانا إلى أنهم فعلا يعيشون في عالم آخر.
ومع ذلك، فإنه من الظلم القول إنهم لم يطرحوا بدائل أخرى، نذكر منها أحذية يمكن وصفها بـ«نص نص» أو بنصف رقبة التي تصل إلى رسغ القدم، وهي ليست حذاء بالمعنى المعروف ولا حذاء عالي الساق «بوت» بالمعنى المعروف، بل تغطي الكاحل وما فوق قليلا.
والحق يقال إنها تجمع بين الراحة والأناقة، لأنها تأتي بكعوب مختلفة وبألوان وأشكال مترفة تجعلها مناسبة لأهم المناسبات في النهار، والأهم من كل هذا انه يمكن المشي والوقوف بها لساعات، على الأقل بالنسبة للمرأة المتعودة على الكعب العالي نوعا ما.
تجدر الإشارة إلى ان هذا التصميم ليس ابتكارا جديدا، بل رأينا نسخا كثيرة منه عبر العقود، مرة بمقدمة مربعة ومرة جاءت مستديرة ومرة اخرى مدببة.
وفي الثمانينات كان جزءا لا يتجزأ من موضة «البانكس»، وفي بداية التسعينات صاحب موضة «الغرانج» التي لم تدم طويلا. ولموسم الخريف والشتاء الحاليين، أخذ شكلا أكثر أناقة وجاذبية، خصوصا أنه يتماشى مع التصميمات الهندسية والمفصلة لهذا الموسم.
ورغم انه جاء بأشكال متنوعة، إلا ان الشكل المدبب هو الغالب، وفي بعض الأحيان تظهر منه أصابع القدم، لتكون مزيجا بين الصندل والـ«بوت».
وتبدو التصميمات الحالية رائعة، سواء تم ارتداؤها في المناسبات الخاصة مع فستان من الشيفون فوق الركبة وبجوارب شفافة، أو مع كنزة طويلة وجوارب سميكة أو مع بنطلون جينز بتصميم أنبوبي.
وفي كل مرة، يعطي هذا الشكل انطباعا إيجابيا على من تلبسه، سواء كانت قصيرة أو طويلة، وسواء كان الكعب منخفضا أو عاليا ورفيعا أو مفتوحا عند الأصابع. المهم هو كيف يتم تنسيقها لتتماشى مع المظهر العام.
وهذا ما تؤكده هيلغا سيفي العاملة بالمعهد الألماني للأحذية بمدينة أوفنباخ، بقولها إن المرأة اليوم تريد حذاء أنيقا ومريحا، وإن الأيام التي كانت فيها تمضي أمسياتها تتبختر في حذاء أنيق، لكن ضيق وغير مريح قد ولت.
وليس ببعيد ان نرى ثورة في المستقبل تقودها المرأة على أسلحة التعذيب التي يطرحها لها المصممون تحت غطاء الموضة الفنية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire