في الوقت الذي يمثّل الجنس فيه أمرا صحيا في علاقات الناس، ينزع بعضهم إلى إدمان الإباحية وسلوكيات أخرى ترى فيها أوساط في كثير من المجتمعات أنها غير صحية مثل الدعارة أو الخيانة الزوجية وغيرها.
وعلميا وكذلك اجتماعيا، فإنّ الإدمان الجنسي هو تمضية أوقات الفراغ في سلوك لا يمكنك التحكّم فيه حتى لو كان ذلك على حساب علاقاتك أو حتى لو كان له تداعيات سلبية بكيفية أو بأخرى.
هذا يمكنه أن يعني استخدام "الوسائل البورنوغرافية" أو ممارسة الجنس خارج أطر الزواج والعلاقات المتعارف عليها أو ممارسته مع المومسات أو الاستمناء بكيفية مبالغ فيها.
وإذا كنت تعتقد أنّه مجرد تنفيس عن رغبة أساسية فعليك أن تعيد حساباتك حيث أنّ الكثير من المدمنين أكّدوا أنّ ذلك هو وسيلة للتنفيس عن "آلام" مروا بها أو فقط لتمضية الوقت أو إبعاد الشعور بالوحدة.
ووفق مستشارة نفسية في تكساس تدعى كيلي ماكدانييل هي مؤلفة كتاب "النساء في مواجهة الحب والجنس وإدمان العلاقات." وأضافت أنّ غالبية "الأشخاص الذين تحادثت إليهم كانوا يشيرون إلى نقطة لا يظهرون فيها أي رغبة في الجنس."
من هو المدمن الجنسي؟
وفقا لمستشفى "مايو كلينك" فإنّ ما بين 3 إلى 6 في المائة من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من "مرض إدمان الجنس."
وأطلق العالم النفساني باتريك كارنس موقعا على الانترنت اسمه sexhelp.com يعرض فيه فحصا إلكترونيا فوريا على الراغبين لتحديد ما إذا كانوا يعانون من مشكل على هذا الصعيد.
وتتيح شبكة الإنترنت أساليب كثيرة وسهلة لمشاهدة المواد الإباحية وممارسة الجنس الافتراضي وهو ما صبّ الزيت على النار، وزاد من أعداد المدمين في السنوات الأخيرة، وفق خبراء.
وقال المدير السابق لمعهد ماسترز أند جونسون، مارك شوارتز "نحن بصدد رؤية هذا بنسب وبائية ولاسيما ما يتعلق بالجنس الافتراضي."
وقالت ماكدانييل إنّ مزيدا من النساء بتن بدورهن على لائحة المصابين، مضيفة أنّه من العادة أن تقيم المدمنة علاقات خارج الأطر المعروفة أو ترمي نفسها في أحضان الدعارة.
ويعترف الخبراء أنّ الأشخاص الذين يشاهدون المواد الإباحية بكثرة أو الذين يقيمون علاقات جنسية خارج مؤسسة الزواج أو الارتباط، ليسوا بالضرورة مهووسين جنسيا، حيث أنّ بلوغ تلك المرحلة يعني وجود آثار سلبية في حياة أحد أقارب أي شخص مهووس أو تمضية الوقت في هذا المجال إلى أن يصبح من الصعب الفكاك منه.
من أين يأتي هذا المرض؟
وفق مدير مؤسسة "استشارات من قلب إلى قلب" دوغ وايس فإنّ نحو 80 بالمائة من حالات الإدمان الجنسي، سبق لأصحابها أن تعرضوا لاعتداء جنسي أو صدمة نفسية.
ويقول شوارتز إنّ "عددا كبيرا من الذين يعانون من الإدمان الجنسي سبق أن تعرضوا للاغتصاب أو الاعتداء "حيث أنّ من يتعرض للاعتداء عند الصغر يصبح أقلّ ثقة في الناس ويمكن لإدمان الجنس أن يصبح أحد مظاهر ذلك."
ولم تسفر الدراسات ذات الطابع العصبي عن شيء في هذا الصدد، وفق مايو كلينك.
ويساعد جزيآن كيميائيان يتمّ إنتاجهما طبيعيا هما "دوبامين" و"سيروتونين" في زيادة الرغبة في الجنس، لكنّ ليس في حكم الواضح ما إذا كان لهما دور في الإدمان عليه.
قالت ماكدانييل إنّ هذين الجزيأين يوجدان بكميات منخفضة في دماغ الأطفال الذين عانوا من اعتداءات وهو ربما يفسّر لماذا يقوم عدد منهم بإنتاجهما بواسطة أجسادهم أو الغذاء الذين يتناولونه لزيادة معدلاتهما.
ويقوم الكثير من المراهقين بتنمية جنسانيتهم بواسطة المواد الإباحية مثل الانترنت أو الوسائل الأخرى وبعدها يكتشفون أنّ ممارسة الجنس مع طرف آخر لا يفي بحاجتهم، حسب وايس.
وأضاف أنّ الإباحية توفّر لهؤلاء "ضربة كيميائية قوية" شبيهة بما يحدث لكلب بافلوف الشهير، بحيث يصبح المدمن مرتبطا أكثر بالأشياء منها بالأشخاص.
كيف يعمل العلاج؟
وقالت ماكدانييل إنّ العلاج الجيد سيحدد سبب الإدمان النفسي أو الفيزيائي زيادة على "كيمياء الدماغ."
والمرحلة الأولى من العلاج تكون إما فردية أو جماعية وتتضمن الخطة 12 خطوة ربما تتضمن تلقي عقاقير مهدئة ونفسانية.
ووفق أخصائي العلاج سام إليبراندو فإنّ الخطة تقتضي وجود "كفيل" يكون على ذمة "المريض" في جميع الأوقات.
وأضاف أنّ العلاج معقد وطويل الأمد وصعب ويساعد عليه "الاستعانة بشخص تلقى علاجا من الإدمان سابقا بحيث يتولى إقناع المريض بأنّ الأمر يتعلق بمرض يصيب الدماغ."
والخطوط العريضة للعلاج تتمثل في تعليم المريض وحمله على ممارسة الجنس مع شخص آخر، وفق الخبراء، حيث أنّ شخصا ما عولج من الشره في الأكل يتولى لاحقا بنفسه اتباع الحمية المناسبة له.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire