العمر، التاريخ العائلي، والتركيبة الجينية للإنسان، كلها تزيد من خطر ظهور مرض ألزهايمر. لكن السبب الذي يقود إلى الإصابة بالمرض يظل غير واضح، والفرضية السائدة هي أن ترسبات بروتين الأميلويد amyloid protein اللزجة في المخ، هي التي تحفز على بدء عملية الإصابة بالمرض.
وإضافة إلى هذا، فقد تم إيقاف لقاح «أيه إن 1792» AN 1792، الذي يحفز جهاز المناعة على تنظيف الجسم من ترسبات بيتا ـ أميلويد، أثناء تنفيذ المرحلة الثانية من التجارب السريرية، بعد أن أدى حقن اللقاح إلى حدوث التهاب غير مميت، في المخ لدى 6 في المائة من المرضى.
كما كشف الباحثون عن نتيجة غير متوقعة بعد متابعتهم باستمرار لـ 36 مريضا من الذين تم حقنهم باللقاح، وهي نتيجة أثارت التساؤلات وشككت في أن تكون ترسبات الأميلويد فعلا هي الأهداف الحقيقية التي ينبغي التوجه للتخلص منها للقضاء على المرض.
وقد أظهر تشريح جثث المتوفين السبعة الذين تم تطعيمهم باللقاح، الذين كانوا يعانون لدى تسجيلهم في الدراسة من مرض ألزهايمر المبكر أو المتوسط، أن اللقاح قد أزال فعلا بعض ترسبات الأميلويد من المخ.
ومع هذا، فإن هؤلاء كلهم ظهرت لديهم حالات العته الدماغي الحادة قبل وفاتهم ـ ومن ضمنهم اثنان أصبح المخ لديهما نظيفا تماما من تلك الترسبات.
ورغم أن هذه العينة من المرضى قليلة، ولذلك لا يمكنها أن تقدم نتائج نهائية، فإن هذه النتائج تفترض أن مرض ألزهايمر ظل يتقدم حتى بعد إزالة ترسبات الأميلويد.
ورغم أن عددا من العوامل الأخرى المضادة للأميلويد تظل في حيز التطوير، فإن الباحثين يبحثون عن أهداف أخرى لمكافحتها، ومثلا، فقد أحدثت نتائج بحث أساسي أجراه باحثون في مستشفى بريغهام والنساء، مناقشات كثيرة بعد نشرها في مجلة «نتشر» في أغسطس 2008.
وقدم البحث دلائل على أن الترسبات يمكن أن تعمل بوصفها «حوضا» خاملا يقوم بتحرير أجزاء صغيرة من بروتينات الأميلويد المذابة ـ وأن هذه الأجزاء الصغيرة من الأميلويد، هي العوامل السامة التي تحفز عملية الإصابة بمرض ألزهايمر.
ولذلك فقد عكفت عدة فرق علمية على دراسة مدى صلاحية أدوية الستاتين statins في خفض خطر العته، إضافة إلى دورها في خفض مستويات الكولسترول.
إلا أن نتائج الأبحاث كانت متناقضة حتى الآن، وزادت دراستان مطولتان نشرتا على التوالي في غضون أشهر من بعضهما في مجلة «نايرولوجي» عام 2008، من الالتباس والبلبلة.
الدراسة الأولى وهي «دراسة الكهنوت الديني»The Religious Orders Study، تابعت حالات 929 قسا وراهبة كاثوليكية، في سن 75 عاما في المتوسط، عند تسجيلهم لأول مرة، لفترة بين عامي 1994 و2006.
وخضع جميع المشاركين إلى فحوصات سنوية لتقييم ذاكرتهم وقدرات التفكير لديهم، وقد وجد الباحثون أن استعمال أدوية الستاتين لم يقد إلى الوقاية من الإصابة من مرض ألزهايمر، كما أنه لم يقد أيضا إلى إبطاء التدهور الناجم عن المرض بعد الإصابة به.
أما الدراسة الثانية فقد تابعت 1674 من الأشخاص غالبيتهم من المنحدرين من أصول لاتينية (أكثرهم من الأميركيين من أصول مكسيكية)، من أعمار 60 عاما فأكثر، ضمن «دراسة الشيخوخة لدى اللاتينيين في منطقة سكرامنتو» Sacramento Area Latino Study on Aging التي انطلقت عام 1998.
وخضع المشاركون إلى تقييم للإدراك وتقييم سريري كل 12 إلى 15 شهرا، وعندما تم تقييم حالاتهم بعد خمس سنوات، ظهر أن عدد المشاركين الذين تناولوا الستاتين وأصيبوا بالعته أو بضعف في الادراك، كان أقل بالنصف من عدد الآخرين الذين لم يتناولوا هذا الدواء المخفض للكولسترول.
وقد أشار بعض المعلقين إلى أن هذه النتيجة ممتازة جدا، بحيث يصعب تصديقها، خصوصا أن 42 في المائة من المشاركين تناولوا الستاتين لفترة تقل عن سنتين.
وعلى أي حال، فإن النتائج المتناقضة لهاتين الدراستين المطولتين، تؤكد الحاجة إلى إجراء تجارب عشوائية مراقبة.
إلا أن دراسة أجراها باحثون في مستشفى ماساشوستس العام، عام 2008، تفترض أن توليفة من الأدوية التي تنفذ آليات عمل مختلفة، ربما ستقوم بمهمة أفضل، وذلك بالرغم من أن الفوائد من هذه التوليفة ظلت قليلة.
وكان الباحثون قد تابعوا حالات 382 مريضا عولجوا في وحدة اضطراب الذاكرة في المستشفى.
وأخذت المجموعة الأولى التي تكونت من 144 مريضا، في العلاج بين عامي 1990 و1995، ولم يتناول أفرادها أي دواء علاجي، لأن أدوية علاج مرض ألزهايمر لم تكن متوفرة في ذلك الحين.
أما المجموعة الثانية من 122 مريضا فقد شاركت بين عامي 1998 و2002 وتناول أفرادها واحدا من مثبطات الكولينيستيرايس cholinesterase inhibitors: «دونبيزيل» donepezil (أريسيبت» Aricept)، «غالانتامين» galantamine («ريمينيل» Reminyl، «رازادين» Razadyne)، أو «ريفاستيغمين» rivastigmine (إيكسيلون» Exelon).
ولم يستخدموا الدواء الرابع من هذه الفئة وهو «تاكرين» tacrine)) لأنه عموما يقدم القليل جدا من الفوائد.
أما المجموعة الثالثة المتكونة من 116 مريضا فقد أخذ أفرادها في العلاج بين عامي 2000 و2004، باستخدام واحد من أدوية مثبطات الكولينيستيرايس إضافة إلى دواء «ميمانتين» memantine («ناميندا» (Namenda، الذي له آلية تختلف في تأثيرها عن آليات تأثير الأدوية الأخرى.
ومع استمرار الدراسة، عانى كل المرضى من تدهور في قدرات التفكير لديهم، وكانوا أقل قدرة على القيام بوظائفهم بشكل مستقل، إلا أن هذا التدهور كان أبطأ لدى المرضى الذين تلقوا علاجا من توليفة دوائية.
فبعد أربع سنوات من الدراسة، مثلا، سجل المشاركون الذين تناولوا دواء واحدا فقط من فئة مثبطات الكولينيستيرايس، 23 خطأ في اختبارات العته، بينما أخطأ المشاركون الآخرون الذين تناولوا توليفة دوائية 18.5 مرة في المتوسط.
وفي هذه المرحلة من الدراسة كان تقييم الأشخاص الذين يرعون المرضى لحالة استقلاليتهم، أن المرضى الذين تناولوا دواء واحدا فقط من فئة مثبطات الكولينيستيرايس كانوا غير مستقلين بنسبة 75 في المائة في ما يتعلق بأنشطتهم اليومية المعيشية ـ وهذه هي نفس نسبة التقييم للمرضى الذين لم يتناولوا أي أدوية لعلاج مرض ألزهايمر.
وعلى النقيض من ذلك، قال مقدمو الرعاية الآخرين إن مرضاهم الذين تناولوا التوليفة الدوائية كانوا غير مستقلين بنسبة 57 في المائة.
إلا أن السبب في هذا ليس واضحا، ولكن الأشخاص من ذوي الاحتياطي المعرفي ربما يكونون قادرين على التعويض عن أي نقص في التفكير، بتوظيف المناطق الأخرى من المخ لديهم.
وفي الدراسة الأخيرة، درس العلماء 161 شخصا من غير المصابين بالعته، و37 آخرين مصابين بمرض ألزهايمر، وقدم المشاركون معلومات عن تعليمهم وخضعوا لعدد من اختبارات الإدراك.
كما خضعوا أيضا للتصوير بجهاز انبعاث البوزيترون للمسح بعد أن تم حقنهم بمادة يمكن للباحثين رصد حركتها داخل الجسم للتعرف على مواقع تراكم ترسبات الاميلويد في المخ.
وقد دهش العلماء عندما قارنوا بين الأشخاص الذين كانت لديهم نفس الامتدادات من ترسبات الأميلويد، إذ وجدوا أن الأكثر تعليما فيهم، سجلوا نقاطا أعلى في اختبارات وظيفة الإدراك الكلية، من الذين كانوا أدنى تعليما. وهكذا، فإن التعليم ربما يخلق احتياطا معرفيا يقوم وبشكل فعال، بزيادة ارتفاع العتبة الفاصلة التي تمنع الإصابة بمرض ألزهايمر، إلا أن حسم هذا الأمر يتطلب إجراء دراسات مطولة.
وفي «مشروع راش للذاكرة والشيخوخة»The Rush Memory and Aging Project، شارك 521 شخصا من السليمين من مرض العته بمتوسط أعمار 82 سنة كانوا يعيشون في مناطق سكن المتقاعدين في مدينة شيكاغو.
وطبق الباحثون اختبارات على الإدراك وقاسوا النشاط البدني بعد أن طلبوا من المشاركين ارتداء أجهزة تشابه الساعات اليدوية كانت تسجل حركات العضلات، وتقدم تقييما حول «تعداد النشاطات» لكل يوم ـ وهو قياس للنشاط الكلي وشدته ـ على مدى 10 أيام.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين كانوا يزاولون نشاطا أكثر، يوميا، كانوا الأفضل في اختبارات وظائف الإدراك.
أما «دراسة اللياقة البدنية وعلاقتها بشيخوخة المخ» The Fitness for the Aging Brain Study فقد شملت 138 شخصا من عمر 50 سنة فأكثر، من الذين أفادوا بوجود مشاكل في الذاكرة لديهم، إلا أنهم لم يصنفوا ضمن أولئك الذين تنطبق عليهم معايير العته.
وقد وضعوا عشوائيا إما في صفوف تعليمية محاطين بوسائل «الرعاية التدخلية»، أو ضمن برنامج منزلي يقومون فيه بنشاط بدني يتكون من تمارين متوسطة الشدة (المشي عادة لمدة 150 دقيقة على الأقل) خلال الأسبوع، وخضع كل المشاركين إلى اختبارات لقدرات التفكير، والذاكرة بعد فترة ستة أشهر من الدراسة، ثم بعد 12 و18 شهرا منه.
وبنهاية الدراسة، سجل أفراد مجموعة النشاط البدني نتائج أفضل في اختبارات وظيفة الإدراك والذاكرة، مقارنة مع مجموعة المراقبة، ورغم أن الفوائد كانت قليلة إلا أنها كانت مقاربة لنتائج العلاج بالأدوية.
وبعد ستة أشهر، أظهر أفراد مجموعة النشاط البدني تحسنا طفيفا بمقدار 0.26 نقطة في اختبار سريري قياسي هو «المقياس الثانوي لتقييم الإدراك للمصابين بمرض ألزهايمر» Alzheimer Disease Assessment Scale ـ Cognitive subscale (ADAS ـ Cog)، بينما كانت نقاط أفراد مجموعة المراقبة قد انحدرت نقطة واحدة في المتوسط ـ والفرق النهائي الحاصل هنا هو 1.3 نقطة تقريبا.
وفي نتيجة مختلفة تماما، كانت دراسة منفصلة لاستخدام دواء «دونبيزيل» قد أفادت بحصول فرق بـ 0.5 نقطة فقط بين متناولي الدواء وبين متناولي الحبوب الوهمية.
إن من السهل الشعور بخيبة الأمل بسبب عدم التوصل إلى وسائل لإبطاء تدهور قدرات الإدراك للمصابين بمرض ألزهايمر، إلا أن الباحثين يواصلون البحث عن أهداف أخرى لاستهدافها.
وفي الوقت الراهن، فإن التوصل إلى نجاحات معتدلة ـ إما بدمج الأدوية في توليفة، أو الحفاظ على النشاط البدني والفكري ـ هو أفضل الخيارات.
ورغم أن مراجعة أجريت عام 2007 لـ 14 دراسة، توصلت إلى نتيجة مفادها أن حبوب فيتامينات «بي» لا تحمي قدرات التفكير لدى الأفراد الأصحاء أو لدى أولئك الذين يعانون فعلا من ضعف في الإدراك، إلا أن تلك الدراسات كانت إما صغيرة أو أجريت لفترة قليلة.
إلا أن دراسة كبيرة على وسائل التدخل، أجريت على 340 مشاركا لمدة 18 شهرا، استنتجت أيضا أن فيتامينات «بي» لا تساعد في الوقاية من مرض ألزهايمر.
وقد قدم الباحثون في «الدراسة التعاونية لمرض ألزهايمر» The Alzheimer"s Disease Cooperative Study، للمشاركين المصابين بحالة خفيفة من مرض ألزهايمر، وبشكل عشوائي، إما حبوب فيتامينات «بي»، أو حبوبا وهمية.
وظهر أن المشاركين الذين تناولوا حبوب الفيتامينات رصد لديهم مستوى أقل من الـ «هوموسيستين» بنسبة 3.1 في المائة مقارنة بمجموعة المراقبة ـ إلا أن أفراد المجموعتين سجلوا نفس النقاط تقريبا في الاختبارات على قدرات التفكير والذاكرة، وهذا ما يشير إلى أن مكملات الفيتامينات لم تفعل شيئا لإبطاء التدهور الحاصل في الإدراك.
- عشبة «الجنكه بيلوبا»: المكملات الغذائية من «الجنكه بيلوبا» ginkgo biloba، التي غالبا ما يتم تسويقها على أنها منتجات تعزز الذاكرة، كانت غير مفيدة لدى تقييم فاعليتها في تجارب سريرية عشوائية مراقبة، مع حبوب وهمية على 3069 شخصا من أعمار 75 سنة فأكثر. وكان كل المشاركين أصحاء أو من المصابين بضعف بسيط في الإدراك عند بدء الدراسة.
ولكن، وعندما تم تقييم المشاركين بعد ست سنوات من ذلك، ظهر أن الذين تناولوا مكملات العشبة، كانوا في حال مماثلة تقريبا في إصابتهم بمرض ألزهايمر، لحال الذين تناولوا حبوبا وهمية. كما أن هذه المكملات لم تقد إلى إبطاء التقدم في ضعف الإدراك البسيط.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire