نحن بحاجة إلى نظرة جادة إلى المنتجات الغذائية عالية المحتوى من الفيتامينات الطبيعية والمعادن.
وخاصة بعد تراكم نتائج الدراسات الطبية التي أثبتت خطأ الاعتماد على مصادر دوائية عالية المحتوى من تلك الفيتامينات والمعادن.
والقصة، باختصار، بدأت مع ملاحظة التأثيرات الصحية الإيجابية للمواد المضادة للأكسدة، وخاصة فيتامينات إي E وإيه A وسي C، مما دفع البعض في الوسط الطبي إلى توقع تحقيق استفادة صحية أكبر بتناول الناس للحبوب الدوائية المحتوية على كميات عالية من أنواع الفيتامينات تلك، أو من أنواع مضادات الأكسدة بالعموم.
ولكن نتائج الدراسات الطبية أثبتت فشلها في تحقيق تلك الفوائد الصحية المرجوة على شرايين القلب والإصابات السرطانية.
وليس هذا فحسب، بل أثبتت ارتفاع نسبة الضرر الصحي نتيجة لتناولها بتلك الهيئات الدوائية.
وهو الأمر الذي دفع الهيئات الصحية المعنية بصحة القلب إلى إصدار إرشادات طبية واضحة في عدم النصح بتناول حبوب الفيتامينات تلك، لا على سبيل الوقاية ولا على نهج العلاج، والعودة إلى الغذاء الطبيعي للحصول عليها.
وقبل بضعة أسابيع، وضمن عدد مايو الماضي، من مجلة المجمع الأميركي للتغذية الإكلينيكية، عرض الباحثون من الولايات المتحدة والنرويج وأستراليا نتائج بحثهم المشترك بعنوان «تعاون الأطعمة: تصور عملي لفهم التغذية»Food synergy: an operational concept for understanding nutrition.
وهو البحث الذي تم عرض جوانب منه في المؤتمر الخامس للتغذية النباتية، والذي عقد بجامعة لوما لندا بكاليفورنيا في مارس الماضي.
وقال الباحثون ما مفاده أن الخطأ في البحوث الطبية والممارسات اليومية للناس هو ذلك الربط التلقائي للفائدة في ما بين المكونات التي تحتوي عليها المنتجات الغذائية وبين الأدوية التكميلية المحتوية على الفيتامينات والمعادن.
وأن في جانب الأغذية الطبيعية علينا أن لا ننسى أن ثمة تنسيق في المحتوى البيولوجي لتلك المعادن والفيتامينات، أي الموجودة في الخضار أو الفواكه أو الحبوب أو البقول.
وما اقترحه الباحثون هو ضرورة التفكير بالطعام كمصدر أول للحصول على ما يحتاجه الجسم من تلك المعادن والفيتامينات، لتحقيق فاعلية أكبر في الاستفادة الصحية.
وذكّر الباحثون عموم الناس والعاملين في الوسط الطبي بثلاثة أمور.
- الأول، أن الفوائد الصحية للفيتامينات والمعادن تظهر بقوة حينما نوفرها للجسم عبر تناول الأطعمة الطبيعية التي تحتوي على مزيج من المعادن والفيتامينات. وأن الفوائد الصحية تلك لا تظهر حينما نتناول حبوبا تحتوي على مكونات منفردة، أو مخلوطة بشكل عشوائي، لمجموعات من الفيتامينات أو المعادن، بمعنى أن في المنتج الغذائي الطبيعي يوجد مثلا فيتامين إي E ممزوجا بنسب موزونة مع فيتامينات ومعادن أخرى، ومع ألياف وغيرها من العناصر الغذائية، ما يسهل على الأمعاء هضمها وامتصاصها بشكل أفضل.
- الثاني، أن الأطعمة الطبيعية توفر للجسم فرصة الحصول على فيتامينات طبيعية أنتجتها خلايا النباتات عبر عمليات البناء والنمو الطبيعي لها، بخلاف الحبوب الدوائية التي تحتوي على فيتامينات تم تصنيعها بالآلات عبر التفاعلات الكيميائية.
- الثالث، أن العمل على تشكيل مكونات صحية لوجبات الطعام، بحيث تحتوي على عدة أصناف من المنتجات الغذائية، يوفر للأمعاء بيئة تسهل عليها عمليات الهضم وعمليات امتصاص العناصر الغذائية النافعة.
ومن الأمثلة، تذكر مصادر التغذية الإكلينيكية فائدة إضافة الليمون الحامض إلى قطع الأسماك المشوية، كوسيلة لتسهيل امتصاص دهون أوميغا-3 في الزيت الصحي للسمك.
وفائدة إضافة زيت الزيتون أو مرق دهني، «صوص»، للسلطات، كوسيلة لتسهيل امتصاص الأمعاء للمواد المضادة للأكسدة الموجودة في الخضار الطازجة، وغيرها من الأمثلة.
ومع هذا كله لم يغفل الباحثون الإشارة إلى أنه لا يزال ثمة قيمة مهمة لتلك الحبوب الدوائية للفيتامينات والمعادن في معالجة الحالات المرضية التي يتسبب بها نقص أحد المعادن أو الفيتامينات. مثل نقص الحديد أو اليود أو فيتامين سي C أو فيتامين دي D أو غيره.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire